2025-07-31 09:17:09
في عالم كرة القدم حيث تسيطر الأهداف والبطولات على الأضواء، تبرز أحياناً قصص إنسانية تلامس القلوب وتُظهر مدى عمق الولاء والعشق الذي يكنّه المشجعون لأنديتهم. ومن بين هذه القصص الملهمة، تبرز قصة المشجع التونسي جمال التوجاني، المعروف بـ"برناص"، الذي ضحى بأموال علاجه الكيميائي من مرض السرطان لإنقاذ ناديه المفضل، النادي الأفريقي، من أزمة مالية خانقة.

تضحية تفوق الخيال
عندما وجد النادي الأفريقي، أحد أشهر الأندية التونسية، نفسه غارقاً في الديون ومهدداً بعقوبات من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، هبّت جماهيره لإنقاذه عبر حملة تبرعات. لكن ما فعلته هذه الجماهير تجاوز كل التوقعات، خاصة عندما قرر جمال التوجاني، المصور الصحفي الرياضي المعروف، التبرع بأموال كانت مخصصة لعلاجه الكيميائي من السرطان.

يقول جمال في حديثه للجزيرة نت: "لم أتردد لحظة، النادي الأفريقي هو حياتي، وبدونه لا معنى لوجودي. أرجأت جلسات العلاج لأن إنقاذ الفريق كان أولوية." هذه الكلمات تعكس مدى ارتباطه العاطفي بالنادي الذي يعشقه منذ الصغر.

ردود فعل مؤثرة
أثارت تضحية جمال موجة من التعاطف والتقدير، ليس فقط في تونس، بل على مستوى العالم العربي. رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم، وديع الجريء، أعلن عن نيته مساعدة جمال مادياً، واصفاً موقفه بـ"البطولي". كما عرضت عليه مجموعات مشجعين أخرى تغطية تكاليف علاجه، لكنه رفض، مؤكداً أن ما فعله كان بدافع الحب الصادق للنادي وليس من أجل الشهرة.
ابنة جمال البالغة من العمر 15 عاماً، عبّرت عن فخرها الشديد بأبيها، بينما فضّلت زوجته الصمت، فهي تعرف جيداً مدى تعلّق زوجها بالنادي الأفريقي. يقول جمال: "الحمد لله، تحسنت حالتي الصحية الآن، ولم أندم على قراري."
إرث من الوفاء
قصة جمال ليست مجرد حدث عابر، بل أصبحت رمزاً للوفاء والتضحية في عالم كرة القدم. غسان السويسي، عضو رابطة مشجعي الأفريقي، قال للجزيرة نت: "ما فعله جمال يفوق الخيال، لقد ضحى بصحته من أجل الفريق، وهذا يذكرنا بأن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي مشاعر وعواطف تربط الناس بأنديتهم."
الأفريقي.. نادي الشعب
يُعد النادي الأفريقي أحد أعرق الأندية التونسية، حيث حصل على 13 لقباً في الدوري المحلي ومثلها في كأس تونس، بالإضافة إلى كأس أفريقيا للأندية عام 1991. ورغم الأزمة المالية، واصل الفريق تألقه في الموسم الحالي، مما يثبت أن روح الجماهير وقوتها قادرة على صنع المعجزات.
قصة جمال التوجاني تذكّرنا بأن كرة القدم ليست مجرد أرقام وألقاب، بل هي قصة حب بين الفريق وجماهيره، حب يمكن أن يدفع الإنسان إلى أبعد التضحيات.